لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
الآداب والأخلاق الشرعية
15532 مشاهدة
الأدب الثامن الصبر

لقد أمرنا بالصبر على ما يصيبنا، قال تعالى: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [سورة العصر، الآية:3]. وقال: وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ [سورة البلد، الآية:17] . وقال: وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ [سورة لقمان، الآية:17]. والصبر -كما قال البعض- مشتق من المرارة؛ لأن الصبر طعمه مُر، فلذلك كان في الصبر شيء من القساوة، وشيء من الشدة؛ ولكن عاقبته أحلى من العسل.
فعلينا أن نصبر على الإيذاء، وعلى التعب، والمشقة، وعلى ما نراه من احتقار وتخاذل، ولا يفتّ ذلك في عضدنا ، كما علينا أن نصبر على تنفيذ أوامر الله تعالى، وعلى القيام بشرعه مهما كان الأمر؛ حتى تكون العاقبة لنا فإن العاقبة للمتقين ، وقد أمرنا الله تعالى بالصبر في قوله: اصْبِرُوا وَصَابِرُوا [سورة آل عمران، الآية:200]. وفي قوله تعالى: وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [سورة آل عمران، الآية:186]. بعد أن أخبرنا بأنه يبتلي عباده ليصبروا.
فلا بد من الصبر والمصابرة، ولا بد من الوقوف أمام العصاة ونحوهم بحزم، وعلينا أن نتحمل وأن نقف أمام العقبات التي نتعرض لها؛ حتى نكون بذلك من الصابرين الذين يُوفَّون أجرهم بغير حساب، كما وعدنا الله بقوله: إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ [سورة الزمر، الآية:10] .
وينبغي أن نكون متعاونين على تنفيذ أوامر الله، يقوي بعضنا بعضا على مراجعة ولي الأمر، ويقوي بعضنا بعضا على كتابة ملاحظة من الملاحظات؛ فإذا رأينا منكرا فعلينا أن نجتمع مع فلان أو فلان ونكتب لهم عن هذا المنكر ونطالب ولي الأمر أو المنتدب لهذا الأمر بأن يغير من هذا المنكر وأن يخفف منه ونصبر على نفقة أو تعب أو سهر أو سفر أو ما أشبه ذلك؛ فإن ذلك مما يضاعف الحسنات ونُؤجَر به عند الله سبحانه وتعالى.